
عزيزي القارئ ناقشنا في مقال سابق أن الأتمتة الإدارية هي أول خطوة يجب القيام بها لتحويل المنظمة من نمط إداري تقليدي إلى نمط اداري إلكتروني، إلا أن هذه الخطوة تصطدم بمعوقات ومحددات تجعل هذا التحول بطيئاً إذا لم نقل شديد الصعوبة وشبه مستحيلاً، لذلك سنتناول في هذا المقال محددات الأتمتة الإدارية في بيئتنا وآليات التغلب عليها. وسنناقش في مقال آخر إن شاء الله متطلبات أتمتة الأنشطة الإدارية ومستلزماتها في بيئة الإدارة الإلكترونية.
هنالك صعوبات كثيرة تقف في طريق تطوير عملية الأتمتة الإدارية وتحول دون التمكن من الحصول والاستفادة من المزايا التي توفرها، يمكن تصنيف هذه المحددات بما يلي: محددات تنظيمية وإدارية – محددات بشرية – محددات مالية – محددات تقنية وفنية.
أولاً: محددات تنظيمية وإدارية
- انعدام التخطيط والتنسيق والرقابة على الأنشطة المتعلقة باستخدامها لعدم وجود سياسة عامة فنية موحدة على مستوى المنظمة في مجال الأتمتة.
- وجود فجوة هائلة بين الفوائد المرتقبة التي يفترض أن تقدمها الأتمتة الإدارية للأجهزة الإدارية وبين الفوائد التي تم الحصول عليها بالفعل. ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين هما:
- أن النظم المعلوماتية التي تم إدخالها إلى الوحدات الإدارية تمت بدون إجراء أية تغييرات في الهياكل التنظيمية أو في الإجراءات التشغيلية، حيث كان استخدام هذه النظم موجها أساسا لإكمال وتتمة الإجراءات اليدوية الموجودة.
- أنه يتم إدخال الأتمتة الإدارية في كل إدارة، وأحياناً في كل قسم من أقسام الإدارة بشكل مستقل عن الأقسام والإدارات الأخرى، ومن النادر وجود سياسة مشتركة بين الإدارات لتنفيذ واستخدام المعلومات في الأجهزة الإدارية.
- عدم وجود الاهتمام الكافي من قبل الإدارة العليا وعدم تقييم ومتابعة تطبيق عملية الأتمتة الإدارية والتي ينشأ عنها غموض المهمة والدور المطلوب تنفيذه، فلازال الكثير من القيادات الإدارية تجهل كيفية تطبيق الأتمتة الإدارية وكيفية التعامل مع مستجدات العصر ووسائله الالكترونية.
- تعقيد الاجراءات الإدارية، وكذلك الافتقار للتشريعات واللوائح المنظمة لبرامج الأتمتة، وما يتعلق كذلك بمستوى الأمان والخصوصية للمعلومات.
ويمكن التغلب على هذه المحددات بوضع خطة شاملة لعملية الأتمتة مدعومة من الإدارة العليا
اقرأ أيضاً:
- الأتمتة الإدارية كأول خطوة في مرحلة بناء البنية التحتية للإدارة الإلكترونية
- مفهوم الإدارة الإلكترونية
- فوائد الإدارة الإلكترونية
- المراحل الأساسية لتحويل إدارة منظمة من إدارة تقليدية إلى إدارة إلكترونية
- الفرق بين الإدارة التقليدية والإدارة الإلكترونية
ثانياً: محددات بشرية
يعتبر العنصر البشري هو أهم العناصر في أي عملية أتمتة، إذ بدون هذا العنصر لا يمكن لأي عملية أتمتة أن تحقق أهدافها المرجوة، فالمعدات والآلات والأجهزة وكل وسائل التقنية الحديثة ما هي إلا عناصر خاملة بدون العنصر البشري. إلا أنه قد لا يساهم بشكل فاعل في تطوير واستخدام الأتمتة الإدارية في الأجهزة الإدارية، وذلك نظراً للخصائص التالية:
- قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال الأتمتة: وخاصة الكوادر التطويرية كالمحللين والمبرمجين ومهندسي الصيانة وغيرهم، حيث أن هذه الكوادر هي وحدها القادرة على الارتقاء بمستوى استخدام الأتمتة بشكل علمي وفعال.ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالتوسع في استقطاب هذه الكوادر، وتوصيف عملهم بشكل يلبي احتياجات المنظمة لا أن يكونوا عبئاً عليها.
- الفجوة الكبيرة الفاصلة بين الفنيين العاملين في مجال الأتمتة وبين المستفيدين منها: مما يجعل الاتصال والتفاهم بين هاتين الفئتين ضعيفاً، ونتيجة لذلك يتم تصميم أنظمة أتمتة لا تلبي حاجة المستفيدين في معظم الحالات، وهذا يعني هدر المزيد من الوقت والموارد. ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالتنسيق المستمر والتعاون بين تلك الفئتين خلال جميع مراحل بناء أنظمة الأتمتة منذ الدراسة الأولية وحتى الانتهاء من عملية التنفيذ والاختيار لضمان الوصول إلى أنظمة فعالة تلبي الاحتياجات الفعلية.
- مقاومة التغيير على مستوى الهيكل التنظيمي: إن تطبيق الأتمتة الإدارية يحمل في طياته الكثير من التغييرات على صعيد المنظمات والأقسام والشعب وإعادة توزيع المهام والصلاحيات، مما يستلزم تغيير في القيادات الإدارية والمراكز الوظيفية والتخصصات الجديدة التي تحتاجها. لهذا فإنه سيكون هناك مقاومة للتغيير،ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالتغيير التدريجي للنسيج الثقافي للمنظمة وإدخال التغييرات الجزئية من دون أن يؤدي إلى أضرار كبيرة في مصالح العاملين، ويمكن إعادة تأهيلهم للإيفاء بمتطلبات عملية الأتمتة الإدارية.
- مقاومة التغيير على مستوى الأفراد: وتتجلى في:
- عدم تفهم بعض الإدارات بفوائد التقنيات العلمية الحديثة وعدم الثقة بها بسبب الجهل المعلوماتي.
- الطبيعة البشرية وثقافة الأبواب المغلقة والخوف من التكنولوجيا وتطبيقاتها.
- رفض بعض الموظفين من تطوير أنفسهم في مجال المعلوماتية بسبب تعودهم على التقاعس وتضييع الوقت بحجة تراكم العمل أو خوفهم من الاستغناء عنهم.
ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال الحوافز المادية والمعنوية لتشجيع العاملين في مجال الأتمتة الإدارية على التطوير ومتابعة التعليم والتدريب.
ثالثاً: محددات مالية
وهي المحددات التي تنتج بسبب النقص في الموارد المالية اللازمة لتوفير والتدريب على استخدام الأتمتة مما يحد من كفاءة وفعالية العاملين بصورة مباشرة وغير مباشرة وتتمثل بالنقاط التالية:
- قلة الموارد المالية لتوفير البنية التحتية فيما يتعلق بشراء الأجهزة والبرامج التطبيقية، ومجالات تطوير الحواسيب، وانشاء المواقع وربط الشبكات.
- محدودية المخصصات المالية المخصصة لتدريب العاملين في مجال الأتمتة.
- الكلفة العالية مقارنة مع العوائد لبعض الأجهزة.
- ارتفاع التكلفة خدمة الصيانة لأجهزة الحاسوب، ونقص الأيدي العاملة الماهرة في ذلك المجال.
ويمكن التغلب على هذه المشاكل من خلال التخطيط الاستراتيجي لتطوير المنظمة ودعم الإدارة العليا المطلق لعملية الأتمتة.
رابعاً: محددات تقنية وفنية
إن عدم توفر البنية التحتية المناسبة التي تضمن تقديم تلك الخدمات بالشكل الجيد وبتكلفة مناسبة هو أيضاً من الأسباب التي تحد من تطوير عملية الأتمتة، يمكن اجمال هذه المحددات بالتالي:
- صعوبة اختيار الأجهزة والبرمجيات المناسبة: نظرا للتعدد الكبير في الأنواع والنظم المختلفة، وعدم وجود أسس واضحة للمفاضلة بينها، ويزيد الأمر تعقيداً شدة المنافسة في سوق الحواسيب مما يجعل الاختيار صعباً. وقد تفرض أحياناً بعض الأنواع والأنظمة نفسها في السوق على عكس ما يرغب المستخدم في الحصول عليه. ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال دراسة احتياجات المنظمة الفعلية بشكل جيد ووضع أسس واضحة بعيداً عن المحسوبية والأطماع الشخصية عند اقتناء الأجهزة.
- محددات تتعلق بتشغيل الأجهزة: كالأعطال وسرعة الإصلاح وإجراء عمليات الصيانة الوقائية ومسئولية الشركات الموردة والتزامها في تنفيذ التعهدات المختلفة، وكذلك المحددات الناتجة عن عدم انتظام التيار الكهربائي وغيرها من المحددات المرتبطة بظروف العمل كالرطوبة والحرارة وغيرها. ويمكن التغلب على هذه المشاكل من خلال ووضع برنامج لعمليات الصيانة الدورية والمتابعة المستمرة لها، وتأمين كل مستلزماتها مباشرة، والإعداد المسبق لخطة طوارئ موثقة ومعتمدة من قبل إدارة العليا يحدد فيها كافة الإجراءات الواجب اتخاذها لتحسين درجة مقاومة المنظمة للأخطار المتوقعة بهدف تقليل الخسائر المادية الناتجة عن أي كارثة إلى أدنى حد ممكن، واستعادة المنشأة نشاطها بأقصر وقت ممكن.
اقرأ أيضاً:
- مستلزمات تحويل منظمة من منظمة تدير أنشطتها بالأسلوب التقليدي إلى منظمة تدير أنشطتها إلكترونياً
- أهداف الإدارة الإلكترونية
- متطلبات تحويل منظمة من منظمة تدير أنشطتها بالأسلوب التقليدي إلى منظمة تدير أنشطتها إلكترونياً
- خصائص الإدارة الإلكترونية ومخاطر تطبيقها
- التخطيط للتحول إلى إدارة المنظمة إلكترونياً
أعزائي القراء أتمنى أن تكون هذه التدوينة قد أفادتكم ونالت إعجابكم وإلى مواضيع قادمة ومتجددة على مدونتكم مدونة النائب للعلوم والتكنلوجيا. وإذا كان لديكم استفسارات أخرى يمكنكم دائماً مرسلتنا عبر هذا الرابط.
مواضيع اخرى مفيدة
7 آراء على “محددات الأتمتة الإدارية وآليات التغلب عليها”